
متابعة - شبكة قُدس: لم تدخر "إسرائيل" جهدا منذ السابع من أكتوبر، لإفشال كل المقترحات المقدمة لإبرام صفقة تبادل أسرى واتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، سواء عبر المماطلة في جولات التفاوض، أو عبر توظيف القصف العنيف وجرائم الإبادة كأداة ضغط، وصولا إلى استهداف الوفد الفلسطيني المفاوض في العاصمة القطرية الدوحة، في خطوة اعتُبرت رسالة مباشرة بأن حكومة الاحتلال لا تعطي أولوية حقيقية لمسار المفاوضات، بل تسعى لإطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية، متجاهلة مصير أسراها لدى المقاومة في ظل الظروف التي يعيشها قطاع غزة.
وبعد إعلان حماس عن فشل الضربة التي كانت تستهدف وفدها المفاوض في الدوحة، تراجع الاحتلال عن روايته، ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن "المنظومة الأمنية في الاحتلال غير متفائلة من نتائج القصف في قطر، ومسؤلون أمنيون يقولون بأن التقديرات تشير إلى أن معظم المستهدفين بالقصف لم يصابوا بإصابات قاتلة".
ورغم تضارب الأنباء بشأن تعليق قطر دورها كوسيط بين الاحتلال وحماس؛ إلا أن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أكد أن بلاده ستواصل التفاوض في المحادثات الجارية بشأن الأسرى ووقف إطلاق النار.
وقال آل ثاني في مؤتمر صحفي إن "قطر ستفعل كل ما في وسعها لوقف هذه الحرب في غزة، ولكن بالنسبة للمحادثات الحالية لا أعتقد أن هناك شيئا صالحا الآن بعد ما رأيناه من هجوم اليوم".
وتعكس الضربة الإسرائيلية في الدوحة تحولًا استراتيجيًا جدّيًا في السياسة الإسرائيلية، حيث يبدو أن الاحتلال لا يسعى بجد للتوصل لوقف إطلاق النار، خاصة وأن قيادة حماس المستهدفة في الدوحة، كانت في اجتماع لمناقشة خطة أمريكية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، كما جاءت الضربة في توقيت يهدد هذه المفاوضات.
وعلق المحلل العسكري الإسرائيلي، يوسي يهوشواع على مزاعم إدارة ترامب أنها لم تكن على علم بالعدوان على قطر، وقال: يجب التذكير أن للولايات المتحدة الأمريكية قاعدة عسكرية في قطر وبالتالي فإن دخول الطائرات الإسرائيلية إلى المنطقة يحتاج إلى تنسيق ضروري جداً مع القوات الأمريكية حتى لو قالوا لنا عكس ذلك.
ونقلت قناة فوكس نيوز عن رسالة قالت إن دولة قطر أرسلتها إلى إدارة ترامب، أن توقيت هجوم الاحتلال يتزامن مع جهود واشنطن والوسطاء لتقديم مقترح بشأن غزة، كما أن مفاوضي حماس سافروا إلى الدوحة لهذا الغرض والتقوا برئيس الوزراء القطري، وأن الهجوم كان يهدف لتقويض المفاوضات التي تتعاون فيها واشنطن والدوحة بشكل وثيق.
وأكدت فصائل المقاومة الفلسطينية، أن سياسة الاغتيالات بحق قيادات الشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم قادة حركة حماس؛ تعبير واضح عن حالة العجز والفشل التي وصل إليها الاحتلال أمام حالة الصمود والثبات الأسطورية لقيادة حماس والوفد الفلسطيني، ومقاومة شعبنا خاصة بعد العملية الموجعة في القدس المحتلة والضربات المباركة للمقاومة في غزة، وهذا يعكس حجم الإخفاق المتواصل للعدو أمام العزيمة والإرادة الصلبة لأبطال شعبنا.
وأشارت إلى أن استهداف الوفد الفلسطيني في قطر، تؤكد بشكل جلي أن الاحتلال يسعى لإطالة أمد الحرب، ولا يريد الوصول إلى أي حلول، ويسعى لمواصلة جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة، والتهجير القسري لأهلها، وتدمير كل مقومات الحياة فيها.
وتسود حالة من القلق العميق في أوساط عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين عبّروا عن خشيتهم من أن محاولة الاغتيال في الدوحة تهدد فرص إنجاز صفقة تبادل، محذرين من أن وقت أبنائهم ينفد. وتظاهر عدد من العائلات أمام السفارة الأمريكية في القدس المحتلة، بينما دعا زعيم المعارضة يائير لابيد حكومة نتنياهو لتوضيح تداعيات العملية على مصير الأسرى.
في السياق، أكدت المعارضة وعائلات الأسرى أن نتنياهو يواصل الحرب حفاظاً على منصبه، في ظل محاكمته بتهم فساد وملاحقته دولياً بتهم جرائم حرب وإبادة في غزة. وحذروا من أن الجناح الأكثر تطرفاً في حكومة الاحتلال يعرقل أي خطوة نحو إنهاء الحرب أو إبرام صفقة.
وقالت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، إنه "إذا كانت النية احتلال غزة، فلا حاجة لوفد تفاوض من حماس، فهم مجرد عائق، أما إذا كان الهدف صفقة، فسيكون أصعب الوصول إليها إذا كان المفاوضون قتلى".
وذكرت أنه "منذ بداية الحرب تقول إسرائيل إن كل عملية اغتيال ستسهّل الصفقة، لكن الحقائق تثبت أن حماس بقيت ثابتة جدا في مطالبها، سواء كان المستهدفون محمد الضيف، أو السنوار، أو شقيقه، أو خليل الحية، في كل الحالات السابقة وعدونا بأن حماس ستلين لكن ذلك لم يحدث أبدا".
ويعتبر محللون، أن القصف في الدوحة أرادت "إسرائيل" منه إفشال أي محاولة للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى أو اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، كما تستهدف هذه العملية أيضًا التأثير على الطرح التفاوضي الفلسطيني، ورسالة واضحة بأن الاحتلال لا يلتزم بأي خطوط حمراء وأنه مستعد لتصعيد العنف لإفشال أي اتفاقيات أو وساطات دولية.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا